تقرير يرصد هيمنة المقاولات الصغرى على المنظومة الاقتصادية في المغرب - اليوم الإخباري

0 تعليق ارسل طباعة

أكد تقرير حديث الإنجاز بشكل مشترك بين المرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة ومجموعة البنك الدولي (فرع المغرب)، أن “النسيج الإنتاجي بالمغرب تهيمن عليه الشركات والمقاولات الصغيرة، في وقت تظل الأسواق محكومة بهيمنة واضحة وتأثير للشركات الكبرى التي لا تتجاوز 0,5% من النسيج المقاولاتي المغربي”.

وأفاد التقرير المعنون بـ”تحرير إمكانات القطاع الخاص المغربي: تحليل ديناميات المقاولات والإنتاجية”، الذي نوقشت أبرز مضامينه وخلاصاته مساء أمس الثلاثاء في الرباط، بأن المقاولات الصغرى تمثل ما نسبته 88 في المائة من النسيج المقاولاتي الوطني ضمن المنظومة الاقتصادية المهيكلة بالمغرب.

من أبرز النتائج التي وقف عليها معدو التقرير، أن هناك “كثافة عالية نسبيا، بفضل التدفق الديناميكي لإحداث وافتتاح مقاولات جديدة”؛ إذ بلغت كثافة إحداث “الشركات ذات المسؤولية المحدودة” معدل حوالي 3 مقاولات لكل 1000 نسمة في المغرب، بناء على بيانات توفرت عن عام 2022.

ورغم أن التقرير ذاته أشار في معطى دال إلى كون الفترة بين عامي 2017 و2021 شهدت منحى “تصاعديا” واضحا في دينامية خلق المقاولات وإحداثها بالمغرب، إلا أن تحليل المعطيات والبيانات التي توفرت للباحثين من طرف بنك المغرب والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والمديرية العامة للضرائب وكذا المكتب المغربي للملكية الصناعية والتجارية، “تظهر زخما ضعيفا في النمو والتطور، مع وجود عدد قليل من الشركات ذات النمو السريع المرتفع (Entreprises à Forte Croissance) التي تقع في قلب عملية خلق فرص العمل الرسمية والمهيكلة”، وهو ما أوضحه معدو التقرير في جواب عن سؤال لجريدة هسبريس خلال حضورها مناقشة التقرير.

نهج مبتكر

أمل الإدريسي، مديرة المرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، أوضحت خلال حديثها ضمن لقاء نقاش استنتاجات التقرير مع وسائل الإعلام، أن “التقرير يحلل الإنتاجية ونمو المقاولات وأعمالها باستخدام منهجية مبتكرة تستند إلى بيانات دقيقة شاملة، وهو نهج يستخدم على نطاق واسع في الاقتصادات المتقدمة. وهذه هي المرة الأولى في المغرب، حيث اعتدنا على استخدام التحليلات والمسوح الاستقصائية الكلية (ماكرو)”.

وقد أتاح استخدام البيانات المفصلة “بشكل مدقق” الحصول على رؤى وتصورات أكثر دقة لا يمكن تحديدها باستخدام البيانات المجمعة/التجميعية. وأتاح هذا النهج أيضا إمكانية مقارنة المغرب بنظرائه من البلدان ذات المستوى والطموح الاقتصادي المماثل.

“كثافة لا تعكس النشاط”

تتمثل الرسائل الرئيسية للتقرير، الذي اعتمدت في منهجيته التقنيات المستخدمة بشكل متزايد على المستوى الدولي (خصوصا “المقارنة المعيارية” Benchmarking)، في الزيادة الكبيرة في كثافة ريادة الأعمال والفعل المقاولاتي من حيث الحجم والكم العددي، على الرغم من أنه يجب تفسير هذا المؤشر بحذر بسبب انتشار الأعمال غير النشطة”، وفق الإدريسي.

وزادت المتحدثة شارحة: “تبين أن إنتاجية المقاولات الخاصة المغربية منخفضة، وتزداد مع تقدم العمر، ولكن حتى خمس سنوات فقط بالنسبة لـ53% من الشركات التي تمكنت من البقاء والتغلب على الصعوبات. أما بعد 5 إلى 6 سنوات من الوجود، تميل إلى الركود أو الانخفاض. تتعارض هذه النتيجة مع الاتجاه الذي لوحظ في الاقتصادات المتقدمة، حيث ترتبط الإنتاجية في كثير من الأحيان بحجم وعمر الشركات”.

من جانبه، حدد التقرير، طالعت هسبريس نسخة منه (56 صفحة)، “التشوهات في السوق التي لا يبدو أنها تكافئ الشركات الأكثر إنتاجية، وكذلك سوء تخصيص الموارد التي لا يتم تحويلها بالطريقة المثلى من الشركات الأقل إنتاجية إلى الشركات الأكثر إنتاجية”، خالصا إلى أن “هذه التشوهات تؤدي إلى إبطاء نمو الشركات الأكثر إنتاجية، وبالتالي يكون لها تأثير سلبي على سوق العمل والتشغيل”.

وحسب رئيس المرصد المغربي للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، فإن “الاقتصاد المغربي في مواجهة بعض الاتجاهات المثيرة للقلق، ولكن هناك أيضا فرصا يمكن اغتنامها على الرغم من التحديات”.

إشكالات نمو المقاولات

تطرق خافيير دياز كاسو، كبير الخبراء الاقتصاديين الرئيسيين بمجموعة البنك الدولي في المغرب، إلى “الاستنتاجات والخلاصات الرئيسية والآثار المترتبة على السياسات العمومية”، فضلا عن “آفاق بحثية للتحليل يفتحها التعمق في الموضوع”.

ومتحدثا ضمن اللقاء ذاته، قال الخبير الاقتصادي في البنك الدولي إن الدراسة المنجزة في إطار التقرير حددت “الاتجاهات الإشكالية في القطاع الخاص التي لها انعكاسات على مستوى الاقتصاد الكلي (ماكرو اقتصادي)”.

وعن أبرز الإشكاليات، حصرها كاسو في “كثافة عددية للمقاولات لكنها خادعة ومضللة لا تعكس النشاط الحقيقي”، و”ضعف نمو النشاط المقاولاتي بالمغرب”، و”ركود الإنتاجية”، وهي الإشكالية التي تعيق تحرير إمكانيات ومؤهلات المقاولات، وذلك “بسبب عدم كفاءة الموارد المخصصة، وتفضيل الشركات الأقل إنتاجية”، فضلا عن “التشوهات في الأسواق” حيث “تواجه الشركات الأكبر والأقدم منافسة قليلة، مما يضعف حوافزها للابتكار وتحسين الكفاءة”.

في سياق متصل، تحدث خافيير دياز كاسو عن مخاطر أبرزها “النمو الاقتصادي غير الكافي”، وهو ما يمكن أن “يضر بأهداف النموذج التنموي الجديد”، فضلا عن “تحدي التشغيل”، في ظل كفاح سوق العمل لاستيعاب قوة عاملة متنامية يمكن أن يؤدي إلى زيادة في عدم النشاط، لا سيما بين فئات النساء والشباب”.

أخبار ذات صلة

0 تعليق