نشرت شبكة بي بي سي البريطانية – BBC تقريراً مصوراً لجولة قام بها بها فريقها الإعلامي برفقة الجيش الإسرائيلي، في الأراضي التي احتلها الجيش خلال العملية البرية الحالية في جنوب لبنان.

وقال مذيعة الـ BBC  واصفة اللحظات الأولى للجولة الميدانية “كانت مركبات الجيش الإسرائيلي قد حطمت بالفعل الطريق الترابي الذي عبرنا إليه إلى لبنان، واخترقت ثقبًا في السياج الذي يمثل خط وقف إطلاق النار المرسوم بين البلدين قبل جيل من الزمان، لقد أصبح وقف إطلاق النار نفسه في حالة يرثى لها بالفعل”.

وأضافت “لقد أطلقت إسرائيل غزوها البري على طول هذه الحدود الأسبوع الماضي، كما قالت، لتدمير أسلحة حزب الله والبنية الأساسية في “غارات محدودة ومحلية ومستهدفة، وبعد عشرة أيام، كان الجيش يأخذنا إلى قرية على بعد ميلين داخل الأراضي اللبنانية، حيث أقام للتو “مستوى معينًا من السيطرة”.

وتابعت “لقد قيل لنا ألا نكشف عن مكانها، لأسباب عسكرية، وتم تقييد تحركاتنا، وقد  أخبرنا قائد اللواء، العقيد يانيف مالكا، أن المنطقة ما زالت غير خالية من مقاتلي حزب الله.

“وقال إن رشقات نيران الأسلحة الصغيرة كانت ناجمة عن قتال كان يدور على بعد 500 متر، واصفاً “المعارك وجهاً لوجه” مع مقاتلي حزب الله داخل القرية قبل يومين فقط – أي، كما قال، “كانت قواتي ترى في عيونهم، وتقاتلهم في الشوارع”.

على طول الطريق المركزي عبر القرية، كانت المنازل مهدمة؛ وأكوام من الأنقاض تتسرب منها لمحات من الحياة الأسرية. كانت المباني التي بقيت قائمة قد تعرضت لإطلاق النار بالمدفعية، ولم تخترقها زوايا أو جدران، وكانت مليئة بثقوب الرصاص والشظايا.

كانت دبابتان تجلسان على الأرض المهتزة بالقرب من ما كان ذات يوم ساحة القرية. إن مستوى الدمار حولهما يذكرنا بغزة.

يبدو أن هذه التوغلات – حتى الآن – كانت “محدودة ومستهدفة” جغرافياً أكثر منها عسكرياً.

قال لي العقيد مالكا: “عشرات المنازل كانت مليئة بالمفخخات. وعندما ذهبنا من منزل إلى منزل، اكتشفنا المفخخات والأسلحة. ولم يكن أمامنا خيار سوى تدميرها”.

ليس لدينا سوى رواية الجيش عما حدث هنا.

سألت متحدثاً باسم الجيش عما إذا كان هناك نساء أو أطفال حاضرين عندما بدأت العملية هنا. فأجاب بأن جميع المدنيين تلقوا تحذيراً كافياً للمغادرة.

وصفت منظمة العفو الدولية لحقوق الإنسان هذا الأسبوع تحذيرات الإخلاء التي أطلقتها إسرائيل في جنوب لبنان بأنها غير كافية وعامة بشكل مفرط، وقالت إنها لا تعفي البلاد من التزاماتها بموجب القانون الدولي.

كما عرض علينا ثلاثة مخابئ للأسلحة قالت إنها عُثر عليها داخل منازل مدنية هنا، بما في ذلك صناديق من قذائف الهاون الجديدة، وصواريخ مضادة للدبابات وألغام جديدة، فضلاً عن صواريخ محمولة على الكتف ومناظير ليلية متطورة.

وتقول إسرائيل إن هذا هو السبب وراء شن غزوها لجنوب لبنان؛ وأن مخزونات حزب الله من الأسلحة والمعدات على طول هذه الحدود كانت تخطط لهجوم عبر الحدود مماثل للهجمات التي شنتها حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي في جنوب إسرائيل.

في بداية هذا الغزو، كشف الجيش أن القوات الخاصة الإسرائيلية كانت تعمل عبر الحدود اللبنانية في وحدات تكتيكية صغيرة لمدة عام تقريبًا، حيث نفذت أكثر من 70 غارة للعثور على البنية التحتية لحزب الله وتدميرها، بما في ذلك الأنفاق تحت الأرض – والتي قال الجيش إن أحدها توقف على بعد 30 مترًا (100 قدم) قبل خط وقف إطلاق النار مع إسرائيل ولم يكتمل.

بعد الحرب البرية الأخيرة بين إسرائيل وحزب الله في عام 2006، قضت الأمم المتحدة بضرورة انسحاب حزب الله شمال نهر الليطاني. كما أمر قرار سابق بنزع سلاحه. لكن لم يتم تنفيذ أي من القرارين.

إن الغزو البري الإسرائيلي هو جزء من التصعيد الدرامي ضد حزب الله على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية والذي شهد أيضًا تكثيف إسرائيل لغاراتها الجوية على جنوب لبنان وأجزاء من بيروت.

لقد تغيرت تكتيكات حزب الله منذ بدء الغزو البري، حيث أفادت بلدات إسرائيلية مثل المطلة ـ المحاطة بلبنان من ثلاث جهات ـ بانخفاض في إطلاق الصواريخ المضادة للدبابات المباشرة، وارتفاع في إطلاق الصواريخ بعيداً عن الأنظار من أماكن أبعد.

ويقول كثيرون إن مقاتلي حزب الله لم يفروا، بل انسحبوا ببساطة إلى داخل لبنان.

وقد اصطفت بالفعل أربع فرق إسرائيلية على هذه الحدود ـ وجوقة متنامية من الأصوات داخل البلاد تقول إن هذه هي اللحظة المناسبة، ليس فقط لصد حزب الله، بل ولإعادة تشكيل الشرق الأوسط.

ومع تكثيف القتال بالقرب من القرية، طُلِب منا المغادرة على الفور، وسارعنا إلى القافلة التي كانت تنتظرنا.

حزب الله يستنكر

من جهة أخرى، وبعد انتشار التقرير الميداني لفريق BBC، أدانت العلاقات الاعلامية في حزب الله في بيان قيام فريق قناة BBC بإرسال فريق صحافي دخل ‏إلى إحدى القرى الجنوبية برفقة جيش الاحتلال وانتهاك حرمة الأراضي اللبنانية والسيادة اللبنانية ‏والقوانين اللبنانية المرعية الإجراء.

وتابع بيان العلاقات الإعلامية في حزب الله “ندين هذه الخطوة غير المبررة والمرفوضة على الإطلاق وتطالب ‏وزارة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام والأجهزة القضائية والأمنية المعنية باتخاذ التدابير القانونية ‏اللازمة ضد BBC وفرق عملها في لبنان، والإحتجاج لدى شركة ‏BBC‏ والجهات القانونية الممثلة ‏لها، كما تطالب نقابات الصحفيين والمحررين ووسائل الإعلام الحرة في العالم بإدانة هذه الخطوة.‏”